Monday, October 8, 2012

--- 20 ---




 أين هو الرابط بين كل تلك الاحداث التي ارويها، أين تسلسل الاحداث، لا أدري، ولا أهتم، تلك قضية لم تكن في الحسبان، لست هنا لأروي لكم مسلسل تلفزيوني، فأنا أنسان من حلم وذكريات، ليس فقط اللحم والدم هو ما يشكلني، ولا بد لي ان أترك لخيالي ان يسرح، لتتداعى القصص والاحداث كقطع الثلج المتناثر في الخارج اليوم، متراكما على الارض فوق بعضه البعض، وإن سمحت له ظروف الطقس قد يتراكم ليغطي الارض ببياضه مغيراً من المنظر ومن صورة الطبيعة وإن كان تغييراً طفيفا لا يفتئ ان يزول بعد ايام، لتظهر من جديد تلك الارض المقفرة التي لم يعد ينبت فيه العشب منذ ان داستها ملايين الاقدام وتحولت طرقا وشوارع تقودنا كل يوم إلى مفارق وزواريب حياتنا المليئة بالصخب، تلك الحياة التي تعلمت كيف اعيشها يوما بعد يوم، مراقبا، محللا، وحالما، لا يتردد كل صباح ان يستعد لكل مافيها من مفاجئات، وفي امل دائم ان لاتخذله يوما في تقديمها لي اشد ما تملك من الاندهاش واللامتوقع، ولحسن حظي أنها كانت دوما عند حسن الظن بها، غريبة مدهشة متألقة، تسير بي وتنقلني بين يديها، ولم تكن تتردد احيانا بدفعي بأشد ما أوتيت من قوة، ولكنها كانت دوما تعود لتريني كم اصبحت متقبلاً، متفهماً، أي قوياً، مع كل تلك التبدلات!

وإن فكرتم قليلا بقضية الرابط بين الاحداث وقصص النساء تلك، ستجدونها، لازالت جالسة في مكانها هناك، تلك الجنية، التي لم تكن تغيب عن ناظري ولا عن احداث حياتي ولو للحظة، فكيف لا تكون سلسلة الاحداث تلك مترابطة؟، وإن كنتم قرأتم بداية روايتي هذه، فلابد انكم تذكرون اني بدأتها بقصة عودتها بعدما تركتني فترة طويلة، تلك الفترة التي لم اصل لها بعد، ولا تقارن فترة غيابها عند لقائي بجميلة، بطول تلك الفترة التي استمرت بغيابها لسنوات طوال في اخر اختفاء لها، ولو اردت ان اسمي تلك الفترة لربما ادعوها بفترة الظل، حيث بقيت في ظل الحياة، بعيدا عن نفسي سنين طويلة، رضيت بأقل مما استحق، وتقبلت الظل بدلا عن الشمس، صاغرا، متنازلا عن اسمى مافي الحياة من حقوق، حق الشمس، حق الحرية في الحياة، في الحركة، في اعلان نفسي وحياتي على أوراق المذكرات، كما على عيون الناس، تلك كانت فترة الحب الذي بقي مكتوما، منسياً، في ادراج خيباتي، لم يكن له ان ينبت  اوراقاً ولا فروع، كانت تلك ايام جفاف فكري، لايمكن لي ان اقبل بها الأن وانا اكتب عنها، ولكن لايمكن ان اخيفها، او ان ازيلها، فهي جزء من هذا الانسان الذي كان عليه ان تقبل انه عاش بالظل لفترة طويلة نتيجة لخياراته، وقد كان عليه ان يتقبل انه سقط مدويا، حتى يعلم ان عليه ان يصحو من كابوسه ذاك، ليتمكن من النهوض والوقوف على قدميه من جديد، وكان عليه ان يواجه الشمس من جديد، مغمض العينين للحظات من شدة سطوع الاشعة التي لم تكن عيناه قد واجهتها لفترة طويلة.
أية مرارة تبدو لي الان، عندما اتذكر وجهك الشاحب ايتها  الجنية المصابة بفاجعة دخول تلك المرأة إلى حياتي، لا ادري لو كانت كلمة الشحوب تفي تلك القسمات الحزينة على وجهك الوصف الصحيح، العينان الحزينتان، كنت كأم ثكلت اولادها جميعا، لم أفهم شعورك في تلك الايام، وكان صعبا على ان افهم حينها، لكن لحظة استيقظت بعد تسعة سنين، تسعة سنين تطلبت مني لكي استيقظ من ذلك الكابوس، استيقظت وفي رأسي صورة وجهك الشاحب، قلت لنفسي/ الأن فهمت!!/ وانطلقت في ضحكة مجنونة، كيف تطلبت القضية مني تسعة سنين كيف افهمها، بينما ظهرت ملامح  الخيبة على وجهك منذ لحظة لقائي بها، كان يجب ان ادرك يومها، كان يمكن ان اوفر على نفسي تلك السنين من الغياب عن نفسي، وعن الحياة، وعنك ايتها الجنية، التي لم تجد طريقة تقنعني بها ان ادرك اي مسار انا سائر فيه، لم تجد الطريقة ولم تكن تحتمل ان تراني "انا" على تلك الصورة من الضياع، من الخضوع، لأسوأ نزواتي، فكان عليك ايتها الجنية أن تختفي، ان  تزولي وكأني بنزواتي تلك أزلت نفسي من الوجود، فزلتي انت، كنت انا من اختفيت، كنت قد تلاشيت في سبيل امرأة، ارادتني ان اتلاشى في سبيل ان احبها، فقبلت!!، أنا الذي لديه جنية من الجن، لا يراها احد سواه، لا يملكها احد سواه، اقبل ان اتحول إلى لا مرئي في الحياة، إلى لا شيء سوى عاشق، لا يقرر ولا يملك القرار، اية خيبة اصابتك ايتها  الجنية مني، اية خيبة اراها في نفسي انا!!


---

No comments:

Post a Comment