Monday, October 8, 2012

--- 15 ---



كنت تائهاً ومشرداً، تلك حالتي التي اصفها بدون ان أعرف اي طريق سأسلكه للخروج من تلك الحالة التي لم يرق لي البقاء فيها طويلاً، تراقبني نظرات تلك الجنية شامتة بي، نظراتها جعلتني افكر يومها انها وضعتني في اختبار صعب، ولكن طالما هو اختبار بالتأكيد فأن هناك طريقة ما للخروج من تلك الحالة، لايمكن تحدي الأخرين في أمور ليس لها حلول، ولكن يمكن تحديهم في ما يصعب إيجاد الحل له، 
بعد ليلة طويلة من التفكير، قررت ان اسلك الطريق الصعب، اسلكه إلى نهايته، فتوجهت صباحاً باكرا إلى الشركة،     كان مديرها قد وصل لتوه فتناولنا القهوة سوية، وتحدثنا في امور كثيرة، انتهت بدعوتي له ولأسرته على الغداء، فقبل دعوتي تلك،  مرحباً، في ذلك اليوم بدأت اتحرك كثيرا للتقرب من تلك العائلة، دعوات، حفلات،  سهرات، كان الوقت يمضي سريعا وعلاقتي بتلك العائلة اصبحت متينة جدا، صداقة عائلية!!، كنت اراقب تلك العائلة وطريقة حياتها، واقاوم كل مشاعري تجاه صبا، وكان ذلك اصعب جزء في تلك العلاقة العائلية، فكيف تخفي مشاعر حب تجاه صديقة، تعتبرك صديق لعائلتها وتكن لك الاحترام والمودة الكاملة، ولا تشعر تجاهك بأي من مشاعر الحب، في حين تلك المشاعر تكاد تقضي عليك، كان تحدياً صعباً، استطاعت تلك الجنية ان تفرضه علي، ان تضعني في مصافي الاتقياء الذين يقاومون الرغبة والمشاعر تجاه النساء، في حين ينتظر الاتقياء النتيجة في الجنة عند رب السماوات، بينما اتعذب انا دون ثواب استحقه، بل عذاب يشبه عذاب النار الابدي، 
كنت اعود في كل مساء لأراك أيتها الجنية جالسة في مكانك المعهود، تنظرين إلي بنظرة المترقب لما سأقول، وكأنك تمثلين عليَّ بنظراتك تلك،  فقد كنت تعلمين تماما انني لن أجرؤ على تجاوز حد من حدود الاخلاق، ولن اتقدم خطوة واحدة تسيئ لتلك القواعد التي رسمتها لنفسي منذ زمن بعيد، لا تجاوزات أخلاقية، لا هوامش للأخلاق، الدفاع عن الاخلاق بكل قوتي وصنع الخير، إذا ما استطعت إليه سبيلا، كان يمكن ان استمر على تلك الحالة سنوات طويلة وانت تعرفين ذلك، حتى ان التقرب من تلك العائلة شكل لي في البداية بعض الحرج مع نفسي، ولكني لم استطع ان اقاوم التقرب منها، ولكني عاهدت نفسي ان اكون أمينا على علاقتي تلك ولا اتجاوز اي من الحدود التي تلزمني بها علاقة الصداقة، 
قد مر وقت طويل، والحب كان يعمل على تهشيم وتحطيم روحي، يدمرني كل يوم الف مرة، يذروني ترابا على الطريق، لكن ما ألبث أن اجمع شتات نفسي قبل أن أعود إلى البيت وتريني على تلك الحالة، كنت أحاول جهدي ان ابقى قويا صامدا امام تلك الجنية، لم يعد الحب هو ما يهمني، بقدر ماكان يهمني صمودي امام تحديك ايتها الجنية،
 وبدأت قضية الحب تأخذ منحى غريب لم اعهده من قبل، فبينما كنت احلم بأن يتحطم زواج تلك العائلة ليتاح لي الاقتراب من صبا، كنت لا اتوانى في مساعدة تلك العائلة على تجاوز مشاكلها، وقد وقفت مرة  إلى جانب زوجها في مصاعب مالية كانت واجهته في ادارة تلك الشركة، ودعمته للحفاظ على عمله ومصدر رزقه وسبب أمان حياته العائلية، كانت صبا تنظر إليَّ نظرة الامتنان والعرفان لصديق وقف كثيرا إلى جانبها وجانب اسرتها، كانت تلك النظرة منها تعطيني احساسا غريبا، شيء لا علاقة له بالحب، كان له علاقة بالانتماء لعائلة ، يمكن ان نسميه "حب العائلة"،  وهو شيء قد ساعدني على البقاء قريبا منها، وفي نفس الوقت اعطاني حصنا واقيا من التفكير بمشاعري تجاهها قدر الامكان، 

وانا ابصم لك ايتها الجنية بالعشرة، ان تلك الحالة التي وضعتني بها، ضمنت لك ان ابقى مُلك يديك، غير قادر على الهرب إلى اي مكان، لاحب سيغزو حياتي قبل ان يختفي حب صبا، وحب صبا لن يختفي لأني لم ابح به، ولن ينطفئ مع الزمن، تلك حالة من الاستحالة الخروج منها.

No comments:

Post a Comment