Monday, October 8, 2012

--- 22 ---



سنين طويلة مرت،  عشرة سنين على ما يبدو، وانا في حالة من الانتظار، كل يوم في الصباح كلما فتحت عيني على نهار جديد، كنت انظر حولي عليّ اجدها قد عادت، كنت في حالة عبثية من فهم عدم عودتها، فها أنا وحيدا، بائس، توجب لجنيتي ان تعود لا لتساعدني، بل لتشمت بي بعد ما جرى، فهي قد كانت اكثر المعارضين لما يجري في حياتي، وإن كانت لا تملك القدرة على جعلي افعل غير ما يمر برأسي لكنها كانت تبدي استيائها ورفضها من تلك العلاقة التي اودت بتلك السنين إلى الضياع، كرماد منثور في يوم عاصف، سنين مرت، والريح هدأت، لكن لا جنيتي عادت،  ولا قلبي شفي، شيء واحد كان قد تغير، كنت وحيدا، كما لم اكن من قبل، وحيدا بائسا لا يسره متعة في العالم، كما لا تفرحه ضحكة قد يسمعها في جمعة متعمدة، او لقاء عابر، 
مرت السنين، وكنت قد اصبحت في يقين ان جنيتي لن تعود، وان علي ان ابدأ من جديد، وأن أسلك الأن طريقي لوحدي، علي ان اطبق كل تلك الدروس التي علمتني إياها، من أحب، وكيف أحب، الحب، الانانية، العطاء، السعادة، الفرح، الحزن، الشوق، الكراهية إن تتطلب الأمر في بعض الاحيان، قررت ان جمع كل تلك الحكمة في  رأسي وأبدأ من جديد، لابد ان الحياة لازالت تحمل لي بعض المفاجآت التي لابد ان سأجدها في حينها، لكن لن اتوقف الأن، كما يفعل مقعد فقد عكاكيزه في منتصف الطريق، سأتولى امور حياتي كما كنت افعل من قبل، سأسير الخطى حثيثاً كي اصل إلى ما يعيدني إلى الحياة، كما كنت من قبل، ساجد السعادة بنفسي، دون دليل، أليست السعادة ملك من يبحث عنها، ومن يعيشها، إنها هناك تنتظرنا دوما ان نطلبها، ان نستمد منها، ونروي ذلك الظمئ الذي طالما دفعنا للبحث عن السعادة وإن تكن على شكل صحراء قاحلة!!

بدوت اكثر نشاطا، اكثر حركة في تلك الايام، عدت امارس المزيد والمزيد من الاعمال، البحث عن المتعة في العمل، في السهر، في الشوارع، كان لكل مكان سر للمتعة اجده واعيشه، وإن لم أجده كنت اقوم باختراعه، فالقضية كانت  رغبة عامرة بالحياة، بأقناع الذات بان الحياة تكون حيث نطلبها، ولن تأتي إلى مكان لا نريده بها، وهكذا مرت الايام، مرت الساعات، لا جديد يمزها، كما لا هدف افشل في تحقيقه فيوقعني في حزن لا أطيقه، وبدت الفكرة اوضح مما كنت اتوقع، عليك ان تبحث عن الحب لكن بشروطك، كانت تلك معادلة جديدة، اضعها في حياتي، ضع خطة للحب، ارسم له شكلا،  وهدفا، ارسم لها طريقا، وضع نهاية و من ثم أبدأ بالسير على تلك الطريق،
كنت اريدها، ذكية، نعم كانت تلك قضية بدأت تهمني في الحب، فقد تعلمت الدرس، تسع سنين من المعاناة مع الذكاء المحدود، تجعلني ادرك ان الذكاء شرط مهم من شروط السعادة، المرأة الذكية ستساعدني على رسم الطريق، سنكون معها في طريق نستطيع ان نحدد معالمه معاً ونسير عليه، لن يقف في طريقنا شيء، لن ينغص حياتنا شيء، وإن وجدت تلك المآسي والمنغصات، لابد ان تكون قوية العزيمة، نعم اريد لها ان تكون ذات ارادة، وعزيمة، تستعد دوما لكل مافي الحياة من مفاجآت ولا تتوانى في ان تواجه تلك المصاعب بالعمل والاصرار على المتابعة،
بدأت بعض الشروط، تتضح، ذكية، قوية الارادة، شرطان مهمان، لن اتنازل عنهما، لكني بالطبع لن اقبل بالا تتحلى بجمال الشكل  دون جمال الروح، اريدها ان تكون جميلة، لكن دون غرور، تلك صفة سأعمل جهدي على ان اتمسك بها بينما ابحث عنها، وبالتأكيد بعد كل تلك الشروط لابد ان تكون ذات شخصية مستقلة، لاتقبل الاتكال والاعتماد على احد، ستكون مستقلة ماديا، واجتماعيا، لابد لها ان تكون قادرة على اتخاذ قرارتها بنفسها، دون تردد، وماذا عن الدين، اي شروط سأضع الأن بعد ان كانت تجربتي السابقة مريرة مرارة الايمان بالنسبة لشيطان،  لا شروط، اظن على تلك القضية، الايمان والدين، قضية تختفي رويدا رويدا حين نتحدث عن الذكاء والإرادة المستقلة،  والاستقلالية المادية والاجتماعية، ولا ننسى قوة العزيمة، تلك صفات تضعف الارتباط مع فكرة الايمان،
ستكون امرأة من حديد، لكن بروح ملاك، تلك شروطي، ولن اتنازل عنها، وسأستمر بالبحث، عنها، حتى اجدها!!
كنت اعلم أن لشروطي قواعد صارمة، ومواصفات ليست من السهل ان تتحقق، لم يكن هناك من حولي من تنطبق عليه تلك المواصفات، ولكن عالما جديدا من الاتصالات والانترنيت كان قد غزا عالمنا الصغير هذا، صغيرا بقدر ما جعلت الاتصالات وشبكة المعلومات متقاربا متجانسا، بشكل لم يكن عليه من قبل، وكانت رحلة البحث قد بدأت بكل سهولة، لم يعد عليك ان تذهب للحفلات ولا ان تطرق الابواب، كل ما عليك هو أن تملك جهاز كمبيوتر صغير في المنزل، وتتصل إلى تلك الشبكة العنكبوتية التي يصح ان نطلق عليها هذا الاسم لأنك ما أن تقع في شباكها فلن تخرج ابدا، لن تعود لحياتك فرصة بدون تلك الشبكة العملاقة، وسيكون ذلك الصوت الجنوني الذي سمعته لأول مرة يصدر عن صوت الموديم مثل شيطان تعلم النطق، صوتا ساحرا، اطرب له كلما سمعته، لأنه سيفتح امامي أبواب الجنة كما سيكون هناك ابواب وابواب من الجحيم تفتحت في نفس الوقت!!


.... يتبع........

No comments:

Post a Comment