Monday, October 8, 2012

--- 12 ---


ها أنتم تعرفون منذ البداية، انها فاتنة، وانها تحمل اسم يعبر عنها "صبا"، وهل تعتقدون اني وقعت في حبها بسبب ذلك الجمال الذي منحها لها الله، أم وقعت فريسة الحب من النظرة الأولى حين رأيتها، في تلك الحالة فأنتم تشكون بكل ما رويته لكم سابقاً، وتشكون بمقدرتي على قراءة الاشخاص من النظرة الاولى، لا يا قرائي، وأسمحوا لي بمناداتكم "أصدقائي" الأن، ذلك إن كنتم قد استمتعتم صحبتي حتى الان؟
 نعم، دعوني اخبركم،  لم يكن حباً من النظرة الأولى، ولا يفاجئكم ان لقائنا كان قصة غريبة جدا، ابتدأت في صباح ذلك اليوم الشتائي البارد، الذي اجبرني عن التخلف في الذهاب إلى موعد عمل، فلجأت إلى الاتصال بالشركة التي وعدت أحدهم فيها  لأطلب منه تأجيل الموعد، بالطبع لم يكن زمن الموبايلات، ولا الرسائل الإلكترونية، كان زمن الهاتف، الهاتف الارضي فقط، ولا اتحسر على ذلك، فبدونه لم أكن لأحصل على فرصة لأسمع صوتها في ذلك اليوم، كان صوتي محشرجاً من شدة زكام اصابني، ولم تكن اذناي تسمع بطريقتها المعتادة، وقد طلبت منها تكرار الكلمات على الهاتف اكثر من مرة، وكانت تظن اني لا اسمعها، بينما كنت اريدها ان تعيد كلماتها لكي استمع إلى تلك البحة اللذيذة في صوتها، كان شيئاً غريباً مسني من سماع صوتها، ومن كل كلمة سمعتها منها، اصابتني حالة من الذهول، الاندهاش، الرجفة كانت تسري في كياني، حتى إني لم اكن اميزها عن رجفة نزلة البرد التي كانت تجعل مني مريض يهذي، اغلقت سماعة الهاتف، ورحت أحدق في جدران الغرفة من حولي، كانت تبدو ألوانها غريبة، مائلة للبياض اكثر من المعتاد، وضعت يدي على رأسي يومها لأكتشف ان حرارة جسمي كانت في حالة ارتفاع بعد ليلة طويلة من السعال والسيلان الانفي، كنت اظن اني سأعود إلى فراشي، محاولا النوم، لكني اعدت الامساك بسماعة الهاتف، واتصلت بالرقم مرة ثانية، وعاد ذلك الصوت يخترق قلبي قبل ان يخترق اذني،
"رجاءً، لقد اتصلت بك قبل قليل لتأجيل موعدي إلى الغد!!، هل تم تأكيد الموعد ليوم الغد؟" كان هذا مجرد ادعاء، لكن كان لابد منه لكي اسمع صوتها مرة ثانية، صوتها الذي لم يتردد بأن يجيبني بأن الموعد تأجل للغد، وأن كل شيء على أحسن مايرام،
"هل تريد شيء اخر، ياسيدي؟" سألتني وكانت تنتظر جوابي، وكأنها تطلب السماح بإنهاء الاتصال،  بينما كنت أعصر افكاري لإيجاد طريقة لأطيل من الحديث، خانتني يومها الكلمات، وانا سيد المتكلمين، ترددت قبل ان أجيب، بعد سؤالها لي مرة ثانية وثالثة: " هل انت على الخط ياسيدي؟"،
فأجبتها: “نعم، نعم، شكراً لك،" وأردت ان اتابع الحديث، لكنها على مايبدوا كانت في عجلة من أمرها فأغلقت السماعة، وانقطع الاتصال، احسست يومها بأن شيئاً ما بقي معلقا، رغم انتهاء تلك المكالمة، وضعت السماعة فوق جهاز الهاتف، وانا أقول لنفسي لماذا لم تُعّرف عن نفسها، لماذا بدت كأنها موظفة مبتدئة لا تعرف اصول المحادثات في الشركات، كان يجب ان تقول لي من هي، ماهو اسمها، كيف فاتها مثل هذا التفصيل، لابد انها جديدة في العمل، او انها تقوم بهذه الوظيفة بدل زميلة لها، لربما هي مجرد متدربة في تلك الشركة، ولم تتلق التدريب الكافي بعد، وهكذا بدل ان اعود لزكامي وعطاسي، عدت إلى دوامة الاسئلة التي لم تكن تتوقف في رأسي، سيلانا فكرياً فاق شدة سيلان الزكام من انفي المحمر!!
في ذلك المساء، كنت منهك تماما من التفكير، من التأمل في محاولة استعادة صوتها، محاولة جعلت حديثي يطول ويطول حتى الصباح مع جنيتي التي كانت مرتبكة بلاشك من حالتي التي كانت تظهر مدى حيرتي وتشتتي، شيء لامعنى له اصابني، كانت مجرد مكالمة وكان مجرد صوت، ماحصل لي لم يكن منطقيا، لم افهمه، وكل محاولاتي لتفكيكه وتفحصه يتبين لي غباء تلك اللحظات التي لامعنى لها، بينما تسيطر على كياني وتفكيري،
تتساءلون ما الفائدة من كون تلك الجنية في غرفتي؟ لا تبارحني ليل نهار، بينما انا عاجز عن الحصول على اسم فتاة تعمل في شركة، ذلك سؤال رددته عليك ايتها الجنية يومها مرات ومرات، كما رددت عليك ان شيء ما اصابني، يشبه او يفوق حتى لحظة دخولك حياتي، أيكون كتب علي ان تدخل حياتي جنية اخرى، لن يكون ذلك شيء يحتمله قلبي، ولا عقلي، فجنية لا تفارقني ليل نهار ولكني لم اسمع صوتها يوماً ولا اعرف كلمة قالتها لي،  بينما هناك جنية ثانية دخلت حياتي قبل قليل، ولا اعرف شيء عنها سوى بضعة كلمات قالتها لي على الهاتف؟؟




.

No comments:

Post a Comment