Monday, October 8, 2012

--- 9 ---



أعلم انكم تتساءلون عن الزمن، والمطر، كما تتساءلون عن الشمس في روايتي هذه، لكن عبثا تفعلون، فليست قضايا مثل تلك تهمني فيما انا ذاهب في روايته لكم، فلم يكن الزمن او الظروف المحيطة يوما له تأثير على علاقة رجل بامرأة، ومن يشكك بكلامي هذا ليخبرني هل كانت العلاقة بين أدم وحواء تختلف عن علاقات اي منكم في الزمن الحاضر، هل كانت المرأة لتختلف على مر العصور، إن يكن تغير المظهر الخارجي أوالعقل، لكن ليس من ناحية الطبيعة، الطبيعة خلقت المرأة والرجل، ولن تسمح لهما بالخروج عن طاعتها، لن تصبح المرأة سوى مرأة على مر العصور، وهي ستسعى كامرأة مع الوقت على فعل كل مايؤكد تلك الهيئة التي وهبتها لها الطبيعة، وإن ذلك دوما سيكون حتى دون إدراك منها فيما تفعله، بينما سيتبجح الرجل دوما بفحولته التي اعطت الحياة استمراريتها بينما هو عالق بين يدي امرأة قادرة على جعله قائدا مقداما لجيوش جرارة، او قد تسحبه ليعيش اشد لحظاته بؤسا في دار للعجزة او مشفى لمجانين لايعرف سبب دائهم!
ولأكن اكثر صراحة في قضية الزمن هذه، كانت الساعات والايام غير ذي اهمية بالنسبة لي، حتى تسلسل الفصول بين شتاء وصيف، وما يتخللهما من ربيع وخريف، كانت كلها مجرد تفاصيل في حياتي التي عبرتها بكل سرعة متجاوزا اشكالية الارتباط الازلي بين الانسان وعلاقته بالساعات والتوقيت والمواعيد، كنت أعلم أن هناك سر يربط بين الوقت والحياة والناس، لكن لم اكن لأكترث لقضية مثل تلك، في الصباح كنت انظر لأجد تلك الجنية هناك، اما في المساء فكانت موجودة، الأيام تمر بوجودها كما السحر، ألم تنسى يوما الوقت في مشاهدة فيلم سينمائي تحبه؟، وإن تكررت مشاهدته ساعات ولم تشعر بمرور الوقت طوال متابعتك له، فيكف لا تصدق أن شيئا كهذا حدث معي بوجود تلك الجنية؟،
كانت الساعات كلها تمر بدون احساس بوجودها، شيء يشبه انعدام الوزن،  لكنه انعدام للزمن، ولكن مع اختفائها، كل تلك الخفة في الحياة تحولت إلى حمل ثقيل، وتلك كانت اولى علاقتي المأساوية بالزمن، حين لايمر الزمن!!، تلك مأساة المآسي، الانتظار!!، وليس انتظار محدداً، إنه انتظار بلا موعد، بلا نهاية، أخبرني؟ ألم تشعر يوماً إن الوقت يمكن ان يطول إلى ان تنفجر شرايينك؟، ألم تقوم بعد انفاسك واحد تلو الاخر وانت في صالة انتظار طبيب مشهور، او في صف طويل لملء استمارة ما، تلك تجربة سهلة مقارنة بعملية انتظار جنية ذهبت دون ترك ملاحظة على جانب السرير، ليست زوجة قررت المغادرة، ولم تكن حبيبة قررت الهجران، إنها جنية، جنية واختفت!!!

لم يكن من الصعب ربط اختفائك أيتها الجنية يومها بدخول جميلة إلى حياتي، كان شيئا من السهل تيقنه، لكن الصعب هو كيف السبيل إلى إرجاعك، ماهو الطريق الذي كان لابد ان أسلكه لأصل في نهايته إلى وجودك فيه، تلك كانت قضية جد شائكة، تعلمين اني حاولت كثيرا، ولم أمل المحاولة، في كثير من المرات، حاولت إنهاء علاقتي بجميلة، طردتها من حياتي، لكن ذلك لم يرجعك، وكنت في كل مرة أعود لجميلة في حالة يرثى لها، وكانت جميلة دوما متسامحة معي، كانت فعلا تحبني لدرجة تتقبل كل جفائي لها، وانانيتي في التعامل معها، كنت أعود مخفيا كل انكساراتي، محاولا التظاهر بأني لم ازل ممسكا بزمام حياتي المتناثرة بين البحث والانتظار، وسقوطي في مصيدتك العبثية تلك،
 جميلة كانت دوما تقول لي، اخبرني ما بك لعلي اخفف عنك، وكلما كانت تجده من اجوبة غامضة لدي، هو اني مصاب بصداع لا شفاء منه، نعم، صداع!!، أتضحكين الأن على كلمة صداع، ألست "جنية الصداع"، إن صح التعبير؟؟ ما الذي حزته منك سوى الصداع، وإن يكن شعورا أفتقده وأحن إليه لكن هذا لايمنع عنه الصفة الأهم، هو كم كنتِ سببا لألم في رأسي، كم كنتِ لي وجعا لايمكن احتماله، كما لم يكن ممكنا احتمال غيابه، شيء يشبه الإدمان على المهدئات، شعور بأنك مدمن يعذبك، وشعورك بفقدان المهدئات يعذبك، نعم، أنا معذب ياجميلة، ولن يكون لديك حل للتخفيف عني، إني مصاب ولن يكون من السهل معالجة اصابتي!!
أيتها الجنية،  لم يكن سهلا أن أكتشف أنه كانت مشكلتك مع جميلة، لم تكن المشكلة معي، كانت جميلة تحبني، وتلك حالة لن تقبلي بها، ولن تسطيعي ان تتعايشين معها، تلك قصة اكتشفتها حين طردتني جميلة من حياتها، حين صرخت بوجهي طالبة مني المغادرة، وعدم العودة إلى بيتها، رمت بكل أغراضي خارج المنزل، كانت مصابة بحالة لم أراها عليها من قبل، صرخت بوجهي "أذهب لا أريد أن أراك هنا ثانية!!"
خرجت يومها إلى الطريق دون اي تفكير، بالذي حصل، كيف ولماذا، كنت ادرك اخيرا، أن جميلة وصلت لتلك النقطة الفاصلة من علاقتنا، المكان الذي لاتقبل به امرأة في علاقتها برجل، فأما أنا لها، أو لست لها، حاولت معي كثيرا، لم تبخل على علاقتنا، لكنها كانت تضع جهدها في الرجل الخطأ، في الرجل الذي لن يكون لها في أي وقت من الاوقات، جميلة كانت ايجابية إلى ابعد الحدود، بينما كنت انا اقابلها بسلبية المستسلم لقدره، سلبية كنت اظن انها ستأخذني إلى نهايتي، وأني سأكون من بعد جميلة وحيدا، لدرجة لن أجد من اشكو إليه وحدتي تلك!
هل تذكرين ذلك اليوم ؟ كيف لا!! يومها كان يوم عودتك لأول مرة إلي، فاجأتني!! فحين عدت إلى المنزل لأجدك كما لو انك لم تغادري، كيف اكتشفت أن جميلة اخرجتني من حياتها؟؟ لاأظن أن هذا سؤال يسأل لجنية!!، لابد ان لديكم انتم الجن، تلك الوسائل لمعرفة الاشياء التي تودون معرفتها!!
يومها فهمت معادلة وجودك في حياتي لأول مرة، أنت لا تهتمين لمن أحب، فلأحب كل نساء العالم، تلك قضية لن تزعجك ولن تدفعك إلى الرحيل، طالما انك المرأة الوحيدة التي تملكني، لكن أن تحبني امرأة ما، أن أكون ملك امرأة غيرك، تلك قضية لن تقبلي بها، أن أحب امرأة لايعني أنها تملكني، لكن ان تحبني امرأة فهذا يعني انها تملكني، المرأة هي من تملك الرجل بحبها، الرجل لايمتلك، الرجل يتخلى، إنه عنوان التخلي، و بكل مصداقية،



No comments:

Post a Comment